Gallery
مع تعاظم التحديات التي تواجه الأسرة المصرية لاسيما الطفل المصري نتيجة للتغيرات السياسية، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية التي شهدتها مصر بعد ثورتي 25 يناير و30 يونيو، بات هناك ضرورة ملحة أن يضطلع المجلس القومي للطفولة والأمومة بدوره في أن يؤسس لاستراتيجية حديثة وطموحة للطفولة والأمومة بجمهورية مصر العربية.
وقد أنشئ المجلس القومي للطفولة والأمومة بالقرار الجمهوري رقم 54 لسنة 1988 والمعدل بالقرارات رقم 273/1988 ورقم 28/2011، ليعد أعلى سلطة وطنية معنية برسم السياسات القومية من أجل إنفاذ حقوق الطفل والأم في جمهورية مصر العربية. وبموجب الدستور المصري الذي وافق عليه الشعب المصري في يناير 2014 بنسبة 98.1% يحدد القانون المجالس القومية المستقلة، ومنها المجلس القومي لحقوق الإنسان، والمجلس القومي للمرأة، والمجلس القومي للطفولة والأمومة، والمجلس القومي للأشخاص ذوى الإعاقة. ويبين القانون كيفية تشكيل كل منها، واختصاصاتها، وضمانات استقلال وحياد أعضائها، ولها الحق في إبلاغ السلطات العامة عن أي انتهاك يتعلق بمجال عملها.
وتتمتع تلك المجالس بالشخصية الاعتبارية والاستقلال الفني والمالي والإداري، ويُؤخذ رأيها في مشروعات القوانين، واللوائح المتعلقة بها، وبمجال أعمالها. وتعطي المادة 214 من الدستور المجلس القومي للطفولة والأمومة الشخصية الاعتبارية كجهة وطنية مستقلة، لذلك يقع على عاتقه مسئولية وضع ومتابعة تنفيذ السياسات ذات الصلة ببرامج حماية ورعاية الطفولة والأمومة بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية. - ووسط خضم التحديات التي تواجه الطفل المصري، وهي تحديات تتقاطع وتتشابك أضلاعها ومنها التحديات التي تتعلق بالارتقاء بإتاحة وجودة التعليم الصديق للطفل، وتنمية مهاراته وإكسابه السلوكيات، والقيم الوطنية الأصيلة، والمواتية للتنمية، والتحديات المتصلة بتوفير الحماية للأطفال المعرضين للخطر، والتحديات في مجال حق الطفل في الصحة والحياة والبقاء والنمو والتطور السليم.
كما استحدثت تحديات وظهرت جلية أفرزتها التحولات السياسية في العالم بصفة عامة، وفي المنطقة العربية بصفة خاصة، وألقت هذه التحولات بظلالها على مصر وكان الأطفال هم أكثر الفئات تأثراً بها، فتزايدت قدرة الأطفال على استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومع التسليم بالآفاق الإيجابية التي تفتحها تكنولوجيا الاتصالات، إلا أنها لا تخلو من مخاطر غير قابلة للتنبوء، تتمثل في محتوى غير ملائم قد ينتج عنه تعريض أعداد متزايدة من الأطفال المراهقين للاستغلال الجنسي، أو للانخراط في عالم الجريمة أو للتعرض للأفكار الهدامة.
وعلى الصعيد الوطني، تزايد العنف والتطرف، والاستغلال السياسي للأطفال، والإنفلات الإعلامي وهو ما انعكس بالسلب على الصحة النفسية للأطفال وسلوكياتهم تجاه الوطن، وساهم في إزدياد أعداد الأطفال المعرضين للخطر. يُضاف إلى ذلك تحديات ديموجرافية تمثلت في زيادة معدلات الإنجاب بشكل غير مسبوق خلال العقد الماضي، حيث سجلت أعداد المواليد زيادة تخطت 40% ما بين عامي 2006 و2012 ليتجاوز عدد المواليد السنوي 2.6 مليون مولود مما يضع على كاهل العاملين في مجال الطفولة عبء إضافي، ناهيك عن الموارد المالية الإضافية المطلوبة في الموازنة العامة للدولة للحفاظ على المستويات الحالية من الخدمات التعليمية، والصحية والتي لا تلبي تطلعات المواطن المصري في الحصول على خدمات بجودة أفضل.
وتتناول استراتيجية الطفولة والأمومة (2015-2020) التحديات التي تواجه حقوق الطفل المصري، والذي يشكل حوالي 36.1% من إجمالي تعداد السكان من منظور حقوق الأسرة بصفة عامة وحقوق الأمومة بصفة خاصة، والتي تعاظمت خلال السنوات الماضية كما ذكرنا نتيجة لعدم الاستقرار السياسي، والأمني، والاقتصادي الذي شهده المجتمع المصري، والتغيرات السياسية والأمنية التي طرأت على المستوى الإقليمي وما ترتب عليها من زيادة أعداد الأطفال اللاجئين أو ما .Children on the move يعرف بأطفال على مفترق الطريق .
وتقدم الاستراتيجية القومية للطفولة والأمومة لصناع القرار، وللمخططين ولمدراء البرامج أولويات العمل خلال السنوات الخمس القادمة في مجالات الطفولة والأمومة بالتركيز على الآتي:
صحة الطفل وبقائه وتطوره، نمو الطفل وتعليمه، حماية الطفل، وتنمية مشاركة الأطفال في المجال العام، ولم تغفل الاستراتيجية قضية عدم الإنصاف في الحصول على الخدمات الأساسية لاسيما بين أبناء الأسر الفقيرة بريف وصعيد مصر
كما تتناول الاستراتيجية الإطار المؤسسي للعمل في مجال الطفولة والأمومة، وآليات التنسيق والمتابعة والتقييم، وأدوات التواصل المجتمعي التي يجب تفعيلها كشرط ضروري لنجاح واستدامة الاستراتيجية، وتتناول كذلك توزيع الأدوار بين المؤسسات الحكومية وغير الحكومية في تنفيذ البرامج والأنشطة. وتنطلق الاستراتيجية من مرجعيات وطنية تتمثل في الآتي: النصوص الواردة بدستور 2014 والذي تضمن نصوصاً متطورة في إرساء حقوق الطفل.
نصوص قانون الطفل 12/1996 المعدل بالقانون 126/2008، ومواد قانون العقوبات ذات الصلة.
كما تستلهم الاستراتيجية ثقافة وقيم المجتمع المصري التي تقوم على التسامح، وقبول الآخر ونبذ العنف.
وتستند الاستراتيجية أيضاً على الاتفاقيات والمواثيق الدولية التي صدقت عليها مصر، وأصبحت نافذة بموجب المادة 93 من الدستور، ومنها الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل والميثاق الأفريقي لحقوق ورفاهية الطفل ، وغيرهم من الاتفاقيات والمواثيق ذات الصلة.
وتمثل استراتيجية الطفولة والأمومة (2015-2020) إطار عمل موحد لجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية المعنية بقضايا الطفولة والأمومة في مصر. وقد تم إعداد هذه الاستراتيجية بالتشاور مع كافة الشركاء.
كما لم يُغفل المجلس القومي للطفولة والأمومة التشاور مع مجموعات ممثلة لأطفال مصر حتى تأتي هذه الاستراتيجية معبرة عن تطلعات جيل جديد، يواجه تحديات أكبر من التحديات التي واجهتها الأجيال التي سبقته، ولكنه في ذات الوقت، ونتيجة للتطور الهائل في التكنولوجيا، ووسائل الاتصال يمتلك امكانات وتطلعات لم تتوافر لأي جيل آخر .