فى الجزء الثانى من المقال أواصل ذكر بعض المؤشرات الخاصة بالعملية الانتخابية التى بدأتها بالأمس. وثالث هذه المؤشرات هو:
3) تجدد الكتلة التصويتية:
توقع معظم المحللين السياسيين ألا يتجاوز عدد المشاركين فى انتخابات الرئاسة 21 مليون ناخب، وقد اعتمدت هذه التقديرات على أن أعلى مشاركة والتى شهدتها الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة لعام 2012 بلغت نحو 26 مليون ناخب، وأن هذا العدد يتضمن الكتلة الصلبة المساندة للإخوان والتى تقدر بنحو 5 ملايين ناخب وهى التى أعطت أصواتها للرئيس السابق محمد مرسى فى الجولة الأولى والتى ستقاطع انتخابات 2014، كما فعلت عند الاستفتاء على دستور 2014. وجاءت أعداد الناخبين لتتجاوز هذه التوقعات بنحو 4 ملايين ناخب، احتفى بها البعض واستخدمها البعض الآخر للتشكيك فى نزاهة الانتخابات.
والتحليل العلمى لنتائج استطلاع ما بعد التصويت الذى قام به مركز «بصيرة» يلقى الضوء على هذه الزيادة، فقد أوضحت النتائج أن 22% ممن شاركوا فى الانتخابات الأخيرة لم يشاركوا فى الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة لعام 2012. وهذا يعنى أن هناك نحو 5.5 مليون شارك فى الانتخابات الأخيرة ولم يشارك فى انتخابات 2012. ويمكن تحليل هذا الرقم إلى مكونين:
أ) المكون الأول هو المنضمون الجدد إلى كشوف الناخبين والذين بلغوا السن القانونية خلال العامين الأخيرين ويقدر عددهم بنحو 3 ملايين ناخب.
ب) المكون الثانى ويقدر بنحو 2.5 مليون ناخب وهم الناخبون الذين تحولوا إلى المشاركة فى الانتخابات ربما لأول مرة، وهذه الشريحة تضم على الأرجح نسبة أكبر من الإناث ومن سكان محافظات الوجه البحرى التى شهدت زيادة فى نسب المشاركة كما سبق أن أسلفنا. ويؤيد ذلك أن نحو 12% من الذين شاركوا فى الانتخابات الأخيرة لم يشاركوا فى الاستفتاء على دستور 2014، أى أن الكتلة التصويتية والتى خرج منها حوالى 5 ملايين من المؤيدين للإخوان انضم إليها نحو 4 ملايين من المواطنين غير المسيسين الذين استشعروا أهمية المشاركة لأسباب متنوعة، كما أن حجم هذه الإضافة ينفى على الأرجح مقاطعة معظم السلفيين للانتخابات. وإذا كان خروج أى فصيل سياسى من المشاركة فى العملية الانتخابية هو أمر سلبى فإن انضمام شرائح من المواطنين غير المسيسين يسترعى الإعجاب. الرسائل الثلاث الواردة فى هذا المقال يجب ألا تمر مرور الكرام، فالرسالة الأولى وهى تراجع مشاركة الشباب والثانية وهى تراجع مشاركة الوجه القبلى، هما رسالتان سلبيتان تحتاجان من الرئيس الجديد ومن النخب السياسية عناية خاصة تتسم بالذكاء وبالرغبة فى عدم الإقصاء. والرسالة الثالثة والمتعلقة بتجدد الكتلة التصويتية هى رسالة إيجابية تحمل فى طياتها للرئيس وللنخب السياسية فرصة سانحة لتجديد الدم فى شرايين الحياة السياسية، وتحمل لجماعة الإخوان المسلمين إشارة أن المقاطعة ليست هى الحل.
المصري اليوم