فى ظل حالة عدم اليقين التى تشهدها الساحة السياسية فى مصر، طلبت مؤسسة الشروق من المركز المصرى لبحوث الرأى العام "بصيرة" إعداد استطلاع للرأى العام تقدمه حصرياً لقراءها. وتأتى هذه المبادرة كمحاولة للإجابة على عدد من الأسئلة الحائرة التى يموج بها المشهد الراهن والتى نأمل من خلالها تقليل درجة الغموض التى تكتنف المستقبل.
وفى نهاية السنة الأولى لحكم أول رئيس جاءت به انتخابات نزيهة وتنافسية، وفى ظل حالة من الاستقطاب الحاد الذى شهدته مصر، ومع ظهور عدد من المؤشرات التى تشير إلى زيادة السخط الشعبى نتيجة لمزيج من عدم كفاءة الإدارة الحكومية ولإرتفاع سقف توقعات المواطنين ولندرة الموارد المتاحة، فى ظل هذا المناخ شديد التعقيد تفرض كثير من الأسئلة نفسها. وكان اختيار مؤسسة الشروق الانحياز للأسئلة التى تحاول الكشف عن توجهات الرأى العام نحو المستقبل القريب، ومن ثم فقد ركز إستطلاع الرأى العام على ما يمكن أن تسفر عنه الأزمة السياسية الراهنة والمخرج منها، وعن أحداث يوم 30 يونيو ما يمكن أن ينجم عنها وعن سيناريو الانتخابات الرئاسية المبكرة وما يمكن أن تفرزه.
وفيما يلى أهم نتائج هذا الاستطلاع:
الأزمة السياسية الراهنة وكيفية الخروج منها
يرى معظم المصريين (84%) أن هناك أزمة سياسية تواجه مصر حالياً. ويرى (59%) ممن ذكروا أن مصر تواجه أزمة أن المخرج منها هو فى إجراء انتخابات رئاسية مبكرة. وجاء البديل الثانى لحل الأزمة فى تولى الجيش حكم البلاد (51%)، ويلى ذلك تشكيل مجلس رئاسى لإدارة البلاد (48%). وفى المقابل ذكر 26% أن الخروج من الأزمة الحالية يستوجب استمرار الرئيس مرسى فى منصبه. وقد كان تفضيل إجراء انتخابات رئاسية مبكرة أكثر وضوحاً بين الشباب وبين سكان المدن، ولاقى البديل الثانى وهو تولى الجيش حكم البلاد تأييداً نسبياً أعلى فى الوجه البحرى وبين المواطنيين الأقل تعليماً. وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأى العام التى أجريت على مدار العام المنصرم أظهرت أن الوجه القبلى هو مصدر التأييد للرئيس مرسي، إلا أن 33% فقط من سكان الوجه القبلى يرون أن الخروج من الأزمة السياسية الراهنة ممكن مع استمرار الرئيس فى الحكم.
الانتخابات الرئاسية المبكرة
وفى محاولة للتعرف على تفضيلات المصريين نحو المرشحين المحتملين فى حالة حدوث انتخابات رئاسية مبكرة تم توجيه عدد من الأسئلة لعينة الدراسة. وتجدر الإشارة إلى أن الأسئلة التى ترد فى هذا السياق هى أسئلة افتراضية نظرا لعدم إقرار إجراء انتخابات رئاسية وعدم وجود قائمة بمرشحين محددين وبالتالى فالإجابات على هذه الأسئلة لا ترقى لدرجة التوقعات الانتخابية. وقد تم توجيه هذه الأسئلة بالصياغة التالية « فى حالة حدوث انتخابات رئاسية، هناك أسماء سأطرحها عليك وأريد أن أعرف رأيك فيها كمرشحين للرئاسة « وتم طرح الأسماء التالية: محمد مرسي، أحمد شفيق، حمدين صباحي، عبد المنعم أبو الفتوح، عمرو موسى (وجاء ترتيب طرح الأسماء حسب عدد الأصوات التى حصلوا عليها فى الجولة الأولى للانتخابات الرئاسية) كما تم إضافة عدد من الأسماء هي: خيرت الشاطر، محمد البرادعي، حازم أبو اسماعيل، سليم العوا، عبد الفتاح السيسي، كمال الجنزوري. وبالنسبة لكل إسم من الأسماء المطروحة، يطلب من كل مبحوث تحديد ما إذا كان سينتخب هذه الشخصية بالتأكيد أم ربما ينتخبها أو لن ينتخبها.
وعندما تم جمع النسبة التى ذكرت أنها ستنتخب بالتأكيد أو ربما تنتخب كل شخصية على حدى، أظهرت النتائج تقدم كمال الجنزورى يليه أحمد شفيق ثم عبد الفتاح السيسى يليه حمدين صباحى ثم محمد مرسى فعمرو موسى.
أما إذا ما تم ترتيب هذه الشخصيات حسب النسبة التى ذكرت أنها ستنتخبه بالتأكيد، فيكون الترتيب على النحو التالي: أحمد شفيق يليه كمال الجنزورى ثم محمد مرسى يليه عبد الفتاح السيسى ثم حمدين صباحى فعمرو موسى. وتجدر الإشارة إلى أن هذه النتائج ليست بالضرورة منبئة بنتيجة أى انتخابات قادمة وإنما تعطى تقييماً أولياً لشعبية الشخصيات المشار إليها.
النية فى المشاركة فى مظاهرات يوم 30 يونيو.
وعند سؤال المشاركين فى الاستطلاع عما إذا كانوا ينوون المشاركة فى المظاهرات يوم 30 يونيو، أشار 30% إلى أنهم ينوون المشاركة مقابل 64% لا ينوون المشاركة فى المظاهرات، أما باقى المشاركين (6%) فقد ذكروا أنهم غير متأكدين من المشاركة. وجاءت نسب الذين ينوون المشاركة فى مظاهرات يوم 30 يونيو أعلى بين الشباب من الذكور حيث وصلت إلى 48%، وكانت أكثر إرتفاعاً (54%) بين الشباب الذكور المقيمين فى المدن الكبيرة.
توقعات أحداث يوم 30 يونيو
عند سؤال المشاركين فى الاستطلاع عن توقعاتهم ليوم 30 يونيو توقعت نسبة كبيرة من المواطنين (39%) حدوث عنف وسقوط قتلى، وجاءت النسبة التالية ومقدارها 23% تتوقع أن يشهد هذا اليوم مظاهرات وينتهى الأمر عند ذلك، وتوقع 12% أن يؤدى هذا اليوم إلى إسقاط الرئيس، وجاءت باقى الاستجابات لتعبر عن عدم قدرة على توقع ما يسفر عنه هذا اليوم.
وتجدر الإشارة إلى أن توقع حدوث عنف وسقوط قتلى كان أعلى بين سكان المدن وبين الجامعيين والشباب.
عند توجيه السؤال «هل تؤيد حركة تمرد أو حركة تجرد؟» جاءت الإجابات على النحو التالي: 39% يؤيدون تمرد، 6% يؤيدون تجرد، 36% لا يؤيدوا أيهما، 15% لم يسمع بهما، 4% غير متأكد. وترتفع نسبة تأييد تمرد فى المحافظات الحضرية لتصل إلى نحو 53% وتتراجع النسبة إلى 41% فى الوجه البحرى وإلى 29% فى الوجه القبلي. وتصل نسبة التأييد إلى 60% بين الذكور المقييمين فى المحافظات الحضرية والذين لم يتجاوزوا الثلاثون سنة.
وفى النهاية، تأتى هذه المحاولة لقراءة المشهد السياسى من خلال توجهات رجل الشارع، ومع التسليم بأن للنخب السياسية حساباتها، إلا أن حركة التاريخ القريب أكدت أن المواطن البسيط لديه القدرة على تحريك المياة الراكدة. فهل ينجح فيما لم تنجح فيه النخب؟ هذا ما ستكشف عنه الأيام القليلة القادمة.
الشروق