بصيرة هو اسم المركز المصرى لبحوث الرأى العام، الذى أسّسه أستاذ الإحصاء المُقتدر، والوزير السابق الدكتور ماجد عثمان، الذى كان قد أسّس مركز المعلومات واتخاذ القرار بمجلس الوزراء.
ولاعتزاز الرجل بأهمية المعلومات، فإنه بعد أن تغيّرت الحكومة، التى كان فيها وزيراً، فإنه آثر أن يستمر فى الخدمة العامة، وذلك من خلال تأسيسه لمركز يتخصص فى رصد وتحليل الرأى العام دورياً، مُستخدماً فى ذلك أحدث وسائل مناهج القياس، المُعتمدة دولياً، وعرضها بطريقة بسيطة للغاية، بحيث يستوعبها المواطن البسيط، والمواطن المُتعلم، وصانع القرار، على حد سواء.
وما حاوله الدكتور ماجد عثمان ونجح فيه باقتدار شىء لابُد أن يفتخر به كل مصرى، وكل عربى. فإذا كان اللواء أبو بكر الجندى، يقود جيشاً من الباحثين الميدانيين فى الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، ليجمع بيانات عن الحجر والبشر فى كل متر مُربع من أرض جمهورية مصر العربية، فإن د. ماجد عثمان اختار هو وكتيبة من مُساعديه، الغوص فى عقول وقلوب عيّنات مُختارة من هؤلاء البشر، للتعرف على اتجاهاتهم وآرائهم، ومشاعرهم فى شتى القضايا التى تشغلهم، أو ينبغى أن تشغلهم.
وقد لفت مركز بصيرة المصرى نظر أشهر بيوت الخبرة وقياسات الرأى العام العالمية، وفى مقدمتها الأقدم والأشهر على الإطلاق، وهو معهد جالوب فى الولايات المتحدة، والذى عرض على بصيرة أن يكون شريكاً إقليمياً له فى الشرق الأوسط والعام العربى.
ورغم أن مركز بصيرة هو مؤسسة غير حكومية، إلا أن جهات عديدة فى الدولة المصرية لا تتردد فى الاستفادة بما يقوم به المركز من بحوث ودراسات لقياس نبض الشارع المصرى.
ويؤمن د. ماجد عثمان وكتيبته فى بصيرة، بأن المعلومات هى حق من حقوق الإنسان، ولذلك فالمعلومة التى يجمعها مركز بصيرة هى حق عام ينبغى إتاحتها لمن يرغب، للاستفادة بها بالطريقة التى تُناسبه.
لذلك حرص مركز بصيرة على تنظيم مؤتمر سنوى لعرض حصيلة دراساته وقياساته للرأى العام المصرى. وعُقد مؤتمره السنوى الخامس فى الأسبوع الأول من نوفمبر 2017، بفندق الماريوت بالقاهرة. وكان ضمن المتحدثين فى الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، السيد جون كليفتون، أحد كبار المسؤولين فى معهد جالوب، وقد أشاد الرجل إشادة بالغة بمجهودات وإنجازات مركز بصيرة، وتطلعه لاستمرار الشراكة بينهما، لنشر وترسيخ ثقافة بحوث الرأى العام فى مصر والمنطقة العربية، ليلحق بحوالى مائة وعشرين بلدا، حول العالم، يُجرى فيها معهد جالوب قياسات دورية للرأى العام. ولم يتردّد السيد جون كليفتون فى الاعتراف بالصعوبات والأخطاء التى وقع فيها معهد جالوب نفسه فى بداية مسيرته فى أربعينيات القرن الماضى. فقد تنبأ بفوز المُرشح الجمهورى جون ديوى على المُرشح الديمقراطى هارى ترومان، ولكن جاءت نتيجة الانتخابات بعكس ذلك، بفارق ثلاثة فى المائة!.
كان ضمن المُعلقين فى جلستى مؤتمر اليوم الواحد لمؤتمر بصيرة كل من د. إبراهيم عوض، الأستاذ بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، ود. مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة.
أهم ما كشف عنه آخر استطلاع قام به مركز بصيرة للرأى العام المصرى، هو إقلاع وانصراف الشباب عن العمل العام، ورغبة النسبة الأكبر منهم فى الهجرة إلى خارج مصر، وعدم شعورهم بالرضا أو السعادة، وأسوأ من ذلك عدم تفاؤلهم بالمستقبل القريب (السنوات الخمس القادمة). بينما كان الكهول والنساء أكثر قناعة ورضا عن أحوالهم فى الوقت الحاضر.
وجرى نقاش مُثير بين المُشاركين، حوالى مائة، حول إمكانية تعريف «السعادة»، فضلاً عن إمكانية قياسها. فالسعادة فى معظم من أيّدوا وجهات نظرهم هى حالة ذاتية جوانية عادة داخل الشخص المعنى، هذا فضلاً عن أنها لحظية. فالسعادة دائماً هى لحظات عابرة. وهذا غير «الرضا» والقناعة. وقد وافق الباحثان الرئيسيان، المصرى ماجد عثمان، والأمريكى جون كليفتون مع من أيّدوا تحفظاتهم فى هذا الصدد.
جزى الله د. ماجد عثمان خيراً وأطال عمره، ووفّق مركز بصيرة لكل ما فيه خير لمصر وللوطن العربى.
وعلى الله قصد السبيل
المصرى اليوم