معظمنا لديه صورة ذهنية سلبية تجاه استطلاعات الرأي التي تجري في مصر، سواء من طريقة إجرائها أو جهة تمويلها أو تدخل الأمن والسياسة في نتائجها.
ومنذ أيام، تلقيت دعـــوة من مركز «بصيــرة» للمشاركة في ورشة عمل حول استطلاعات الرأي في الإعلام.. ومن خلال معايشة واقعية وعلى الطبيعة اكتشفت أنه آن الأوان لتغيير الصورة السلبية.
ففي الدول المتقدمة تأتي استطلاعات الرأي في مقدمة اهتمامات الساسة وصناع القــرار للتعــرف على اتجاهات الجمهور، ويتم الاستناد إليها في إصدار القرارات وإيجاد حلول للمشكلات التي يواجهها المواطنــون.وفي مجتمعاتنا يفكر الحكام والمسئولون نيابة عن الشعب.. ويديرون الأمور حسب رؤيتهم وقناعاتهم، ولذلك تأتي معظم القوانين والقرارات على عكس ما يريد الناس.. وفي أحوال كثيرة تؤدي قرارات السادة المسئولين إلى تعقيد المشكلات بدلا من حلها؛ بسبب تجاهل رغبات واتجاهات المواطنيـن والتعرف على مقترحاتهم ومطالبهم، وهذا لا يتحقق إلا من خلال استطلاعات رأي حقيقية تعبر عن الفئة المستهدفة تعبيرًا دقيقًا.
وخلال ورشة العمل تعرفت مع زملائي من مختلف الصحف والمواقع، على أساليب توفير ضمانات الشفافية والنزاهة في الاستطلاعات، وهو أمر بالغ الأهمية، ولذلك قدم الدكتور ماجد عثمان، مدير المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، شرحًا تفصيليًا كان مفيدًا للغاية عن أساليب إجراء الاستطلاعات ومراحلها وتأثيرها في مراحل التحول الديمقراطي وطرق نشرها في وسائل الإعلام وغيرها من الموضوعات المتعلقة بهذا المجال.
تغيرت مفاهيــم كثيرة بعد محاضرات الدكتور ماجد عثمان، والدكتور سامح فوزي، مدير مركز دراسات التنمية بمكتبة الإسكندرية، والدكتورة حنان جرجس، مدير العمليات بمركز بصيرة.. واكتشفت أن حل مشكلات مصر يبدأ بالأخذ بنتائج استطلاعات الرأي وتشجيع مؤسسات المجتمع المدني على الدخول في هذا المجال حتى تتوافر لنا استطلاعات للرأي في كل المجالات ونواحي الحياة وخلق المنافسة والتنوع بين المراكز والجمعيات لتقديم حلول لمشاكلنا والتعرف على اتجاهات المواطنين أولا بأول.
لكن طوال فترة ورشة العمل أصابتني حالة من الذهول للمستوى المتدني الذي وصل إليه فندق شيراتون المنتزة، الذي يتفرد بموقع ليس له مثيل في العالم، حيث يحتضن البحر المتوسط حدائق المنتزة التاريخية في مشهد ساحر.
ليس هذا هو الفندق البديع في كل شيء والذي ترددت عليه كثيرا في ليالي أغسطس الصافية، حيث كانت تجمعنا سهرات الناقد الرياضي الكبير عبد الرحمن فهمي في أواخر الثمانينيات.. وليس هو الفندق الرائع الذي ترددت عليه كثيرا بصحبة زوجتي وأبنائي في النصف الثاني من حقبة التسعينيات وحتى عام 2003 عندما تم تعويم الجنيه لأول مرة، وقفزت الأسعار بشكل جنوني.. وحتى بعد ذلك عندما كنت مشاركًا في مؤتمرات عدة.. كيف وصل الحال به إلى هذا الوضع.. وكيف تسمح وزارة السياحة بهذا الإهمال وسوء الإدارة الذي يهدد أروع ما لدينا من فنادق؟!
عدت من الإسكندرية سعيدًا بصعود «بصيــرة» إلى مصاف كبــرى مراكز استطلاعات الرأي العالمية، وحزينًا على هبوط مستوى شيراتون المنتزة الذي كانت لي فيــه أحلى الذكريــات.
فيتو